Wednesday, May 09, 2007

الدين والاخلاق

المؤمنون بالله صنفان. اولهما طيب وسهل العشرة و محب للآخر بطبعه ولكنه يرفض ان يعزي اخلاقه الحميدة لنفسه و تراه ينسبها الى تعاليم دينه, هو يرفض الاعتراف بكونه فاضل الاخلاق لذاته و يصر على اسقاطها على دين ينحني له حتى تلامس جبهته الارض فكأنه يقول "انا مجرم وقاتل ومغتصب لولا ديني الذي جعلني حسن الاخلاق"
الصنف الثاني مجرم بطبعه, سارق وقاتل و بدون رحمة ولا تسامح ولاطيبة, يجد في الدين متنفس لكرهه وغيه , هو يرفض ان ينسب قباحة كيانه الى نفسه بل تراه يجاهر بكراهيته للآخر ولسان حاله يقول "انا اقتل لأن ديني والهي يطالباني بهذا وانا مثاب لما افعله"!
صنفان يؤمنان بنفس الدين؟ كيف يكون الدين الذي يحفز على الطيبة والتعايش مع الاخر هو نفسه الذي يدعو الى العنف الدموي و قطع الرؤوس و قتل الابرياء؟ الدين واحد والبشر اصناف مختلفة. الدين واحد والبشر اخلاق مختلفة. الدين واحد والانسان يأخذ منه ما يلائم قناعته واخلاقه من تعاليم , فالفاضل يأخذ ما يلائم فضيلته من تعاليم ويرمي بغيرها في زوايا مظلمة فيتناسى حتى ينسى ان لدينه وجه قبيح و تراه يخجل ويتفاجأ عندما يطل هذا القبح ويبدأ بالتسليب و القتل والذبح وجز الرؤوس. يتفاجأ ويخجل ولكنه لا يعترض و يحتج, لماذا؟ لأنه يعلم ان الجنون الذي يرفضه جزء من الدين الذي يؤمن به و هو بالتالي ملزم بقبوله حتى لو كان على مضض.
المؤمنون بالله صنفان اولهما راقٍ ينسب خيره الى كائن سماوي والثاني منحط يلقي شروره على اكتاف نفس الكائن.يجمعهما رفض حقيقة كون الانسان هو موجد القيم ومبدعها, خالق خيرها وشرها, و يفرقهما تفضيلنا للأول على الثاني لعلمنا ان الثاني كالقيئ يملأ محيطه بالرائحة العفنة اما الاول فأنه مسكين فاته ان يدرك ان عظمة انسانيته تكمن في اخلاقه والتي لا يمكن لكل الكتب والانبياء والالهة ان تجبره عليها ما لم يكن هو هكذا.
المؤمنون بالله صنفان يجمعهما وهم الهي يلغي فضيلة الاول ويبرر رذيلة الثاني.

4 comments:

Anonymous said...

إنه حقاً عصر الظلمات يا صديقي ,, بل إنه عصر أكثر حلكة من الظلام الدامس ...

Anonymous said...

لا شك ان من مساؤى الاديان انها تقضى على بعض القيم الانسانية التى وجدت قبل اى دين مثل كراهية الانسان للقتل او للذبح والاضطهاد ولهذا تجد الكثير من المسلمين المتحضرين فى حيرة كبيرة من امرهم فهم يؤمنون بالاسلام ولكن لا يستسيغون حتى الان موضوع حد الردة واضطهاد اليهود والمسيحين والمثلين وكل مخالف للراى

أثير العاني said...

اولهما طيب وسهل العشرة و محب للآخر بطبعه ولكنه يرفض ان يعزي اخلاقه الحميدة لنفسه و تراه ينسبها الى تعاليم دينه, هو يرفض الاعتراف بكونه فاضل الاخلاق لذاته و يصر على اسقاطها على دين ينحني له حتى تلامس جبهته الارض
تحياتي لك على هذا الوصف لشخصية بعض المتدينين الطيبين الذين تراهم ينكرون او يأولون كثير من نصوص دينهم لتتلائم مع انسانيتهم ثم ينسبون اخلاقهم الى الدين.
امر غريب فعلا
تحياتي لك

Samir Saad said...

لا علاقة بين الدين والأخلاق. فلو أعتبرنا أن الأخلاق المرتكزة على ماورائيات الدين هي تلك المستمدة من تعاليمه الموجودة بالكتب التي يتنادون بقداستها، فهل لنا أن نقف على تلك الكتب وعلى الكتب السابقة لها حتى نصل إلى الجذور؟

هل لنا أن نقرأ قليلا في شريعة حامورابي السابقة لشريعة موسى، حتى ندرك أن الشرع صنع البشر وليس الإله؟

هل لنا أن نتأمل في عبادة أخناتون حتى ندرك أن التوحيد هو إفراز طبيعي لنضج العقل البشري وليس راجع لوجود الإله الواحد؟

هل لنا أن نمعن النظر في إقرار النفس الموجود بكتاب الموتى الذي لأجدادي الفراعنة لندرك مدى سمو نفوسهم؟

في كل عصر وفي كل مكان، يسعى البشر لإرساء القواعد الضرورية لأستمرار المجتمعات بعد أن أدرك الأفراد قيمة الحياة المجتمعية - العقد الاجتماعي - كما يسعون إلى ضمان الأستقرار الضروري لولادة الحضارة ونموها.


إن آلهة وأديان العصور القديمة قد استمدت رقيها من رقي عقولنا، وما إن ضعفت عقولنا حتى اقتنعنا بتفوق هذه الخزعبلات علينا وقدسناها.

ليتنا نعود للعقل

تحياتي