Tuesday, February 26, 2008

الرؤية الدينية للأحترام المتبادل

نشرت جريدة "القدس العربي" على موقعها هذا الصباح الخبر التالي:

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\25z29.htm

اضحكني هذا المقطع من الخبر اعلاه:

" من جانبه دعا رئيس الحكومة اليمنية علي محمد مجور لاصدار قانون عالمي يجرم الاساءة الي الاديان السماوية والمؤسسات الدينية ويكرس الاحترام المتبادل للاديان ومعتقدات الشعوب".

اولاً:

السيد مجور يريد مصادرة حق الاخر بالكلام اذا لم يعجبه والسيد الزنداني -في نفس الخبر وقبل بضعة سويطرات- يعطي لنفسه حق الكلام حتى وان لم يعجب الاخر!

استهبال ام نفاق؟ ام على رأي المثل "ان لم تستح فأفعل ماشئت"؟

الدفاع عن مؤسس الاسلام حق مشروع مازال كلام يحاجج ويناقش ويفند, لا يستطيع ولا يحق لأحد ان يطالب بتجريمه –بغض النظر عن مدى صحة الكلام نفسه-, ولكن المنطق الاسلامي (والديني عامة) منطق "اعوج". يحرم ماعليه ويحلل ماله, ولهذا لا يجد السيد مجور اي غضاضة في الدعوة الى تجريم من يتكلم عن ما لا يعجبه ويعطي لصاحبه الحق بأن يتكلم بما لا يعجبنا!

ثانياً:

التبعات الخطيرة للمطالبة "الساذجة" للسيد مجور اكثر من ان تحصى, والرجل يتكلم قبل ان يعمل عقله في ما يتفوه به وهو يعرض الاسلام نفسه الى ان يكون دين "مجرم" حسب القانون الذي يطالب-هو- بتشريعه.

الاسلام لا يعترف بألوهية يسوع, ولا بموته وقيامته, ويعلنها صراحة ان النصارى ضالين وان اليهود محرفين لكتابهم المقدس, اليست هذه "اساءات" الى اديان اخرى تنسف مبدأ "الاحترام المتبادل" الذي يدعي السيد مجور انه هدف التشريع! اضف الى ذلك ان مجور يستثني اكثر من ملياري انسان يؤمنون بمعتقدات "غير سماوية" حسب التصنيف الابراهيمي, اي انه يعطي لنفسه الحق بالتهجم على الهندوسية والبوذية والصابئية والزرادشتية والبهائية و اليزيدية والشنتو و غيرها من الملل والنحل! عجيب امرك يا مجور, اهذا هو الاحترام المتبادل لمعتقدات الشعوب؟ ام ان الشعوب لا تكون شعوباً الا اذا تنصرت او اسلمت او تهودت؟

مجور لم يأت بجديد. لسان حال الدين (اي دين) كان ومايزال وسيظل يقول: الفرض والتكميم والترهيب والتهديد والوعيد هي الاسلحة التي يستخدمها الدين لفرض وصايته شئنا ام ابينا! اذا كان مجور يتحدث علانية فأن اباء الكنيسة يهمسون خفية. الكل يجمعهم الخوف من الفكر, الخوف النابع من المعرفة بأن الخرافات والاساطير الدينية لا يمكنها ان تصمد امام الكلام والنقاش والنقد والتحدي, الخوف من فقدان السلطة التي تستعبد الملايين بأسم اله وهمي واديان هزلية.

السيد مجور وعبر مطالبته بأنشاء كارتيل "مقدس" يعمل على تكميم الافواه عن نقد دينه "السماوي" يذكرني بماقاله هنري فورد عندما سأله صحفي عن سبب عدم توفر السيارات التي تصنعها شركته بألوان غير اللون الاسود, اجاب فورد قائلاً: للزبون مطلق الحرية ان يختار اللون الذي يريده, مايزال اللون هو الاسود!

وهذا حال السيد مجور وغيره من مهووسي الهيمنة والتسلط. يتفضلون علينا بحق المناقشة والمسائلة والكلام في اي موضوع كان...مازال الكلام على مزاجهم!