Tuesday, May 29, 2007

هكذا انتحر العقل

يحدثني المؤمن بكل علمية ومنطقية عن عجز العلم عن الأتيان بأجوبة مطلقة , عن عدم كفاية الادلة عن التطور, عن "لا علمية" الصدفة والنشوء والارتقاء ثم يخرج من جعبته ايمانه الذي يحوي الاجوبة المطلقة و بدون ادلة. هكذا انتحر العقل.

يلزمني ان قلت "نعم يوجد نقص في العلم" و "نعم توجد علامات استفهام حتى الان لم يتمكن العلم من الاجابة عليها" , يلزمني ان اصدق بوجود "شئء" غير محدود يجلس على عرش محدود! مطلق القدرة و يخلق على مراحل! لا يغير مابقوم الا "بعد" ان يغيروا ما بأنفسهم! وان تسائلت عن تناقضات ماهيته التي لا تعد ولا تحصى طلب مني السكوت شاهرا في وجهي جوابه السحري-الذي هو ككتابه المقدس صالح لكل زمان ومكان- " عقلك محدود لا يستوعب اللامحدود".هكذا انتحر العقل

يعيب علينا قصور عقلنا عن تصور الهه ولا يعيب على نفسه قصور عقله عن تصور الكون بدون الهه, قصور عقلنا-حسب ايمانه- سببه الهه فلم يلومنا؟ وقصور عقله -حسب قناعتنا- كبرياء وخوف. كبرياء لأن الدين مشخصن وليس موضوعي, كبرياء لأن الدين تمكن من الانسان حتى اصبح له عبدا به يكون وبدونه لايكون, وخوف من اله جبار يعد بالنار والعذاب, خوف لامنطقي بل فوبيا ربانية من سلاسل جهنمية تأسر جسدا سينهض بعد ان اكله الدود ولا تسألني كيف فألهه على كل شيء قدير! هكذا انتحر العقل.

لا يسمح لي المؤمن بأن اقول "لا اعلم" فهو يعيرني بها. وما ان تخرج من بين شفتي حتى تراه قد شهر الهه في وجهي قائلا "هذا هو السبب",”هذا هو الخالق". اما هو فيجيز لنفسه الحق,كل الحق بأن يقول "لا اعلم"ولكنه يذكرها بأحرف مختلفة على شاكلة: "الله اعلم",”حكمة الله",”لا تستغرب فالله قادر على كل شيء". هكذا انتحر العقل

اله ازلي ...شيء منطقي, كون ازلي ...خرافة. اله لا يعلم المؤمن سبب وجوده... شيء منطقي, كون لا يعلم المفكر سبب وجوده ...قصور عقلي. هدهد يتحدث وانسان يكلم النمل واخر يعيش الف عام... شيء معقول, تطور وطفرات وراثية ...خرافات واساطير. جان وملائكة, شياطين وأبالسة ومسيح دجال واعجاز... حقائق, احافير وتشريح...وحي من نسج الخيال. هكذا انتحر العقل

هكذا انتحر العقل ولا تجوز عليه الرحمة لأنه مات منتحرا.....الفاتحة

Wednesday, May 09, 2007

الدين والاخلاق

المؤمنون بالله صنفان. اولهما طيب وسهل العشرة و محب للآخر بطبعه ولكنه يرفض ان يعزي اخلاقه الحميدة لنفسه و تراه ينسبها الى تعاليم دينه, هو يرفض الاعتراف بكونه فاضل الاخلاق لذاته و يصر على اسقاطها على دين ينحني له حتى تلامس جبهته الارض فكأنه يقول "انا مجرم وقاتل ومغتصب لولا ديني الذي جعلني حسن الاخلاق"
الصنف الثاني مجرم بطبعه, سارق وقاتل و بدون رحمة ولا تسامح ولاطيبة, يجد في الدين متنفس لكرهه وغيه , هو يرفض ان ينسب قباحة كيانه الى نفسه بل تراه يجاهر بكراهيته للآخر ولسان حاله يقول "انا اقتل لأن ديني والهي يطالباني بهذا وانا مثاب لما افعله"!
صنفان يؤمنان بنفس الدين؟ كيف يكون الدين الذي يحفز على الطيبة والتعايش مع الاخر هو نفسه الذي يدعو الى العنف الدموي و قطع الرؤوس و قتل الابرياء؟ الدين واحد والبشر اصناف مختلفة. الدين واحد والبشر اخلاق مختلفة. الدين واحد والانسان يأخذ منه ما يلائم قناعته واخلاقه من تعاليم , فالفاضل يأخذ ما يلائم فضيلته من تعاليم ويرمي بغيرها في زوايا مظلمة فيتناسى حتى ينسى ان لدينه وجه قبيح و تراه يخجل ويتفاجأ عندما يطل هذا القبح ويبدأ بالتسليب و القتل والذبح وجز الرؤوس. يتفاجأ ويخجل ولكنه لا يعترض و يحتج, لماذا؟ لأنه يعلم ان الجنون الذي يرفضه جزء من الدين الذي يؤمن به و هو بالتالي ملزم بقبوله حتى لو كان على مضض.
المؤمنون بالله صنفان اولهما راقٍ ينسب خيره الى كائن سماوي والثاني منحط يلقي شروره على اكتاف نفس الكائن.يجمعهما رفض حقيقة كون الانسان هو موجد القيم ومبدعها, خالق خيرها وشرها, و يفرقهما تفضيلنا للأول على الثاني لعلمنا ان الثاني كالقيئ يملأ محيطه بالرائحة العفنة اما الاول فأنه مسكين فاته ان يدرك ان عظمة انسانيته تكمن في اخلاقه والتي لا يمكن لكل الكتب والانبياء والالهة ان تجبره عليها ما لم يكن هو هكذا.
المؤمنون بالله صنفان يجمعهما وهم الهي يلغي فضيلة الاول ويبرر رذيلة الثاني.