"لا يجوز لمبارك التنحي حفاظاً على كرامته" ، "مبارك هو الرئيس و الرئيس رمز الدولة و لايجوز ان نحط من كرامته" و غيرها من شعارات الكرامة و "الابوة" و الحب و الحنان و غيرها من مصطلحات قصائد "الحبيبة" التي تنتشر على ألسنة البعض ، و هي تعليقات و وجهات نظر ليس لها ما يبررها. فمبارك ليس سوى موظف (المفروض انه منتخب) لدى الشعب المصري ، و تنحيه عن الكرسي ليس تنازل او منة على أحد ، فالرئيس –أي رئيس- هو خادم الشعب و ليس رمزه أو رمز البلاد و العباد و خليفة الرب على البسيطة . قصة الكرامة هذه اسطوانة صنعها العقل العربي لطيبته أو سذاجته ، فبسرعة نسى الجميع كرامة الملايين المهدورة تحت اقدام الامن المركزي و دهاقنة السلطة و جلاوزتها ، لا مانع ان يقاد الشعب "بالصرامي" أما كرامة الرئيس ذا الدم الازرق فلا يجب ان تمس! ...أي عته هذا ؟! لماذا "نشخصن" الرئاسة و نربطها مع الكرامة و العزة و مبارك ؟! لماذا يكون تنحي مبارك لفشله في حل مشاكل البلاد أزمة كرامة ؟! و ايهما أكبر ، كرامة مصر الثمانون مليوناً أم مبارك ؟! عجبي!
النظام المصري يلعب بعدة اوراق في محاولة للألتفاف على انتفاضة الشباب ، فهو يماطل ليكسب الوقت و يوهن العزائم ، و لا ينفك يردد شعار "الاضرار الاقتصادية" و الخسائر التي تصيب قطاع السياحة و التصدير و غيرها و كأن المفروض بالانتفاظة \ اثورة (اينما كانت و ليس فقط في مصر) ان لا تحدث الا في ايام الجمع و العطل الرسمية! انها ثورة و رغبة بهدم النظام و توابعه ، انها ولادة شعب من جديد فهل سمع احدكم عن ولادة بدون ألم ؟! و ماذا عن المصري المسحوق اقتصادياً منذ 30 عام ؟ لماذا لم تهتم حكومة الاتحاد الاشتراكي \ الحزب الوطني بتحسين وضعه الاقتصادي ؟ عجبي!
مرشد "الثورة" يظهر على شاشات التلفزة بكل صلف و وقاحة و تعالٍ ليتحفنا بسخافات "الثورة الاسلامية" في مصر و "الشرق الاوسط الاسلامي" و الى ما هنالك من المصطلحات "الاسلامية" التي يقذفها يميناً و شمالاً مبشراً بقرب عودة مهديه المنتظر. بلغ خامنئي من الرياء ما جعله ينسى انتفاضة الشباب الايراني في اعقاب انتخابات الرئاسة الايرانية و كيف قام جلاوزته بسحقها و اعتقال و قتل و سحل المتظاهرين بوحشية لم يجرؤ الامن المصري على اتيان عشرها . رياء ردده مقلدوه الذين –و كعادتهم- يرددون اقاويله بدون اعمال عقل او فكر. رياء لم يخجل حزب الله اللبناني من تكراره في خطاباته و صحفه و مواقعه على الانترنيت و كأنه حزب ديمقراطي تحسده احزاب نيوزلندا و النرويج و السويد على انفتاحه و كان اخرها "خطاب الى المصريين" يوم 7 فبراير ليذّكر بخطابات طاغية العراق الى "جماهير الامة" حين كان جنون عظمته يصّور له ان شغل الملايين الشاغل هو الجلوس امام شاشات التلفزة لسماع الدرر المكنونة التي يتحفها بها.
وعاظ السلاطين كان لهم دور غير مشرف من انتفاضة شباب مصر. شيخ الازهر يحظ الجماهير على العودة الى بيوتهم "درئاً للفتنة" و مفتي السعودية يصف الخروج الشعبي بأنه "محاولة من اعداء الاسلام لنشر الفوضى". لا أجد ضرورة في التعليق على هذين الشخصين فهذا ديدن وعاظ السلاطيين.
قناة الجزيرة القطرية ذات الايديولوجيا الاخوانية لم تكف عن الزعيق و العويل عن مخالفات و جرائم و دكتاتورية النظام المصري ، و ياليتها تفعل ذلك منطلقة من موقف مبدأي ينصر الديمقراطية و حق الشعوب ، لكنها كلب سياسي ينبح و يسكت بأوامر شيخ قطر. لم نشاهد "الرأي الاخر" الذي تتبجح به الجزيرة حتى ساعة كتابة هذه السطور و لاغرابة ، فهذه القناة\البوق كشفت عن نفسها الطائفي عند احتلال العراق و الاطاحة بطاغيته ، اذ اخذت تروج للبعثيين و اخوان العراق (هيئة علماء المسلمين) و تلعب على وتر السنة و الشيعة ولأن العرب ايامها كانوا مسحورون بصدام حسين فلم يقرأوا اجندة الجزيرة بصورة صحيحة ، و عسى ان يقرأها المصريون اليوم